فتح إفريقية:
كان عمر بن الخطاب قد منع عمرو بن العاص من الانسياح في إفريقيَّة بعدما فتح طرابلس، إلا أن عثمان بن عفان قد سمح بذلك، وأرسل عبد الله بن سعد بن [64].
أبي سرح على رأس قوَّة، فاجتاز طَرَابُلُس، واستولى على سفن للروم كانت راسية هناك على الشاطئ، ثم واصل سيره في إفريقيَّة، والتقى بجيوش للبيزنطيين عام (27هـ) في (سُبَيْطِلَة) في جنوب غربي القيروان التي لم تكن قد أُسِّسَت بعدُ، وحقَّق المسلمون فيها انتصارًا ساحقًا, إلا أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح قد اضطر إلى عقد معاهدة للصلح مع البيزنطنيين مقابل جزية سنويَّة يدفعونها على أن يخلي إفريقيَّة، حيث اضطر للعودة إلى مصر لمواجهة النوبة، الذين هدَّدوا مصر من ناحية الجنوب
أبي سرح على رأس قوَّة، فاجتاز طَرَابُلُس، واستولى على سفن للروم كانت راسية هناك على الشاطئ، ثم واصل سيره في إفريقيَّة، والتقى بجيوش للبيزنطيين عام (27هـ) في (سُبَيْطِلَة) في جنوب غربي القيروان التي لم تكن قد أُسِّسَت بعدُ، وحقَّق المسلمون فيها انتصارًا ساحقًا, إلا أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح قد اضطر إلى عقد معاهدة للصلح مع البيزنطنيين مقابل جزية سنويَّة يدفعونها على أن يخلي إفريقيَّة، حيث اضطر للعودة إلى مصر لمواجهة النوبة، الذين هدَّدوا مصر من ناحية الجنوب
إنشاء الأسطول الإسلامي:
ظلَّ معاوية يُقنع عثمان بضرورة إنشاء أسطول قويٍّ، قادر على غزو البحر؛ لمواجهة التهديدات الروميَّة، فأَذِنَ له قائلاً: لا تنتخب الناس، ولا تقرع بينهم، خيِّرهم، فمن اختار الغزو طائعًا فاحمله وأَعِنْهُ. ففعل ذلك، واستعمل على البحر عبد الله بن قيس الجاسي حليف بن فزارة[65].
ثم غزا معاوية قُبْرُص[66]، وصالح أهلها على سبعة آلاف دينار يؤدُّونها إلى المسلمين كل سنة وذلك عام (28هـ), بينما غزا حبيب بن مسلمة بعض الحصون في الشام، والتي كانت لا تزال بيد الروم وذلك عام (28هـ)[67].
وفي عام (31هـ) جَرَت معركة بحْرِيَّة حاسمة بين المسلمين والروم تُعْرَف بـ (ذات الصواري)، وكان قائد المسلمين أمير مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وقائد الروم الإمبراطور قسطنطين الثاني، الذي كان يقود أكثر من خمسمائة سفينة، ومع ذلك فقد فرَّ من المعركة، وهُزِم الروم شرَّ هزيمة[68].
وفي عام (33هـ) غزا معاوية بن أبي سفيان "حصن المرأة" من أرض الروم قرب ثغر ملاطية
زيادة رقعة الخلافة الإسلامية:
عندما نقضت إفريقيَّة العهد عام (33هـ) سار إليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح (أمير مصر) ففتحها ثانية، وأَجْبَر أهلها على الخضوع والعودة إلى دفع الجزيرة بعدما منعوها[70].
أما الجبهة الغربيَّة فكانت غزوات أهل الكوفة جهة الرِّيِّ وأَذْرَبِيجَان, فقد صار إلى الثغرَيْنِ عَشَرَة آلاف مقاتل من أهل الكوفة، ستَّة آلاف تَكُونُ بأَذْرَبِيجَان، وأربعة آلاف بالرِّيِّ، وكان بالكوفة في ذلك الوقت أربعون ألف مقاتل، وكان يذهب لهذين الثغرين منهم عشَرة آلاف مقاتل كلَّ سنة، فكان الرجل يُصِيبه في كل أربعة سنين غزوة، وكانت هذه الغزوات لتأييد الفتح الإسلامي في تلك البلاد والمحافظة على الثغور من أن ينتابها عدو، وإعادة مَن شقَّ العصا إلى الطاعة[71].
ففي عهد إمارة الوليد بن عقبة على الكوفة (25 - 29هـ)، انتقضت أَذْرَبِيجَان العهد، ومنعت ما كانت صالحت عليه، فغزاها الوليد حتى رضيت بأن تؤدِّيَ ما كانت صُولحت عليه، وسَيَّر سلمان بن ربيعة الباهلي إلى أرْمِينِيَة، فشتَّت شمل المجتمعين بها ممن أراد نقض الطاعة[72].
وفي عهد إمارة سعيد بن العاص فُتِحَت طَبَرِستان[73] حيث سار إليها بجند كثيف، فيه الحسن والحسين رضي الله عنهما ابنا عليٍّ ، والعبادلة: أبناء العباس، وعمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص، والزبير، وحذيفة بن اليمان، وغيرهم، فقاتل أهلَ طبرستان حتى طلبوا الصلح[74].
كما أوغل عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي سنة (32هـ) في بلاد الخَزَر -وهي بلاد الترك خلف باب الأبواب المعروف بـ"الدربند"- حتى وصل بَلَنْجَر، وهي أكبر مدنهم خلف باب الأبواب، ولكنَّ الترك تجمَّعوا بكثرة بالغة، فأُصيب عبد الرحمن بن ربيعة، وانهزم المسلمون، فتفرَّقوا فرقتين: فرقة عادت فقاتلت مع سلمان بن ربيعة، الذي كان قد أُرسل مددًا لأخيه فنَجَتْ، وفرقة أخرى أخذت طريق جيلان وجرجان، وجَعَل على ثغر الباب عبدُ الرحمن أخاه سلمان[75].
أما البصرة فكانت غزواتها في بلاد فارس وخراسان وثغر السند:
ففي عهد إمارة عبد الله بن عامر: انتقض أهل فارس العهد، وقتلوا أميرهم عبيد الله بن مَعْمَر، فسار إليهم ابن عامر، وأوقع بهم وقعة شديدة.
وفي عهد إمارة ابن عامر على البصرة قُتِلَ يزدجرد آخر ملوك الفرس سنة (31هـ)، وبموته انتهت الدولة الساسانية[76].
وفي سنة (31هـ) نقضت أهل خراسان عهدها فخرج إليهم ابن عامر في جيش كثيف، فلما وصل الطَّبَسَيْنِ، وهما بابا خراسان، تلقَّاه أهلها بالصلح، ثم سار إلى قُوهِسْتَان، فقاتل أهلَها حتى طلبوا الصلح فصالحهم، ثم قصد نَيْسَابور فصالحهم، ثم وجَّه الأحنف بن قيس إلى طَخَارستان -ولاية واسعة من نواحي خراسان- ثم إلى مَرْوِ الرَّوْذِ، فلقيته جموع فهزمها، وكانت للأحنف فتوح كثيرة في تلك الجهات، ثم صار إلى بَلْخ فصالحه أهلها، ثم ذهب إلى خُوَارِزم، فاستعصت عليه فعاد عنها، ولما تمَّ لابن عامر هذه الفتوح عاد إلى البصرة[77].
وهكذا فقد كانت الفتوحات أيام عثمان بن عفان واسعة؛ إذ أضافت بلادًا جديدة في إفريقيَّة وقُبْرُص وأرْمِينِيَة، وأَجْبَرَت مَن نَقَضَ العهد إلى الصلح من جديد في فارس، وخراسان، وباب الأبواب، وضمَّت هناك -إضافةً إلى ذلك- فتوحات جديدة في بلاد السند، وكَابُل، وفَرْغَانَة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق